(النسب والمولد والنشأة)
الاسم: عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد بن حسانين القماش
تاريخ ومكان الميلاد:
ولدتُ: في يوم السبت 15 ذي الحجة 1389 ه الموافق: 21/ 2/ 1970 م
في مدينة القُرَين بمحافظة الشرقية
ألحقني والدي - عليه سحائب الرحمة والرضوان من الرحيم الرحمن - بالكُتَّاب فتعلمت القراءة والكتابة والحساب، وحفظت شيئا من قصار السور على يد الشيخ/ محمد الهجرسي - رحمه الله - ثم التحقتُ بمعهد القُرَين الأزهري الابتدائي في السادسة من عمري فأنهيتُ المرحلة الابتدائية وأنا - بتوفيق الله - أحفظ ثلثي القرآن من سورة يونس إلى سورة الناس، كما هو مقرر في الأزهر الشريف، وكان من أبرز شيوخي في هذه المرحلة:
1 - الشيخ/ شعبان القماش
2 - الشيخ/ محمد أحمد السَّلْخ
3 - الشيخ/ إبراهيم الماحي
(رحمهم الله جميعا)
* * *
(المرحلة الإعدادية)
ثم انتقلتُ إلى المرحلة الإعدادية وفيها زادت العلوم واتسعت المدارك بدراسة التفسير والتوحيد والتجويد والحديث والفقه والنحو، فقد درسنا - على سبيل المثال - كتاب (قطر الندى وبل الصدى) و (شرح الأزهرية الجديد) مع ما فيهما من عشرات الشواهد الشعرية، مع صعوبتها وثقلها لكننا كنا نحفظها ونجيدها - بحمد الله وتوفيقه - مما كان دافعا لي للتقدم لافتتاح الطابور المدرسي بقراءة ما تيسر من القرآن ثم بإلقاء كلمة الصباح في معظم أيام الأسبوع، وقد كان لهذه الكلمات وقع طيب في نفوس أقراني وأساتذتي، وكانوا كثيرا ما يثنون على تلاوتي وكلمتي - على وجه الخصوص - وهذا دأب الكبار في تربية النشء
وكما قيل: إن صدق مادحوك فالفضل لمن منحك، وليس لمن مدحك.
ولقد كان لتدريس بعض كتب التراث في الأزهر الشريف وكيفية التعامل معها الفضل - بعد الله - في تمكيني من أن أكتب كتابا كاملا من الذاكرة وأنا في الصف الثالث الإعدادي عن فضل الصلاة وعقوبة تاركها، وعن التحذير من هجر القرآن، وقد بلغ بتوفيق الله (138) ورقة أثنى عليه - وقتها - أحد الأساتذة في جامعة الزقازيق
فلله دَرُّ الأزهر، كم له من أيادٍ بيضاء
ورحم الله أميرَ الشعراء أحمد شوقي حيث قال في مدح الأزهر الشريف
قُم في فَمِ الدُنيا وَحَيِّ الأَزهَرا ... وَانثُر عَلى سَمعِ الزَمانِ الجَوهَرا
وَاجعَل مَكانَ الدُرِّ إِن فَصَّلتَهُ ... في مَدحِهِ خَرَزَ السَماءِ النَيِّرا
وَاذكُرهُ بَعدَ المَسجِدَينِ مُعَظِّمًا ... لِمَساجِدِ اللهِ الثَلاثَةِ مُكبِرا
وَاخشَع مَلِيًّا وَاقضِ حَقَّ أَئِمَّةٍ ... طَلَعوا بِهِ زُهرًا وَماجوا أَبحُرا
كانوا أَجَلَّ مِنَ المُلوكِ جَلالَةً ... وَأَعَزَّ سُلطانًا وَأَفخَمَ مَظهَرا
زَمَنُ المَخاوِفِ كانَ فيهِ جَنابُهُمْ ... حَرَمَ الأَمانِ وَكانَ ظِلُّهُمُ الذَرا
مِن كُلِّ بَحرٍ في الشَريعَةِ زاخِرٍ ... وَيُريكَهُ الخُلُقُ العَظيمُ غَضَنفَرا
لا تَحذُ حَذوَ عِصابَةٍ مَفتونَةٍ ... يَجِدونَ كُلَّ قَديمِ شَيءٍ مُنكَرا
وَلَوِ استَطاعوا في المَجامِعِ أَنكَروا ... مَن ماتَ مِن آبائِهِم أَو عُمِّرا
مِن كُلِّ ماضٍ في القَديمِ وَهَدمِهِ ... وَإِذا تَقَدَّمَ لِلبِنايَةِ قَصَّرا
وَأَتى الحَضارَةَ بِالصِناعَةِ رَثَّةً ... وَالعِلمِ نَزرًا وَالبَيانِ مُثَرثِرا
يا مَعهَدًا أَفنى القُرونَ جِدارُهُ ... وَطَوى اللَيالِيَ رَكنُهُ وَالأَعصُرا
وَمَشى عَلى يَبَسِ المَشارِقِ نورُهُ ... وَأَضاءَ أَبيَضَ لُجِّها وَالأَحمَرا
وَأَتى الزَمانُ عَلَيهِ يَحمي سُنَّةً ... وَيَذودُ عَن نُسُكٍ وَيَمنَعُ مَشعَرا
ولولا خشية الإطالة لذكرت القصيدة كاملة
وكان من أبرز شيوخي في هذه المرحلة:
1 - الشيخ/ السيد عثمان (قرآن كريم)
2 - الأستاذ الشيخ/ محمد السيد فرحان (فقه)
3 - الأستاذ الشيخ/ فؤاد محمد الضب (حديث)
4 - الأستاذ الشيخ/ أبو هاشم النوري (تجويد)
5 - الأستاذ الشيخ/ محمود عبد الوهاب (تفسير)
(رحمهم الله جميعا)
* * *
(المرحلة الثانوية)
ثم انتقلتُ إلى المرحلة الثانوية وفيها زادت العلوم ودرسنا - بالإضافة إلى العلوم الشرعية - البلاغة والأدب وعلم النفس، والكثير من كتب التراث، ومن أجلِّها شرح ألفية ابن مالك في النحو والصرف وشرح (الجوهرة) للعلامة البيجوري، وكتاب (شرح السلم في المنطق) وغيرها
* * *
وكان من أبرز شيوخي في هذه المرحلة:
1 - الشيخ/ علي علي زيادة (قرآن كريم)
2 - الشيخ/ أحمد محمد مغنم (تجويد)
3 - الأستاذ الشيخ/ حسن الشرقاوي (فقه)
4 - الأستاذ الشيخ/ محمد مصطفى غريب (نحو)
5 - الأستاذ الشيخ/ عبد الرحمن محمد الأشقم (فقه)
6 - الأستاذ الشيخ/ السيد العباسي (توحيد)
(رحمهم الله جميعا)
* * *
(اللقاء مع الشيخ العلامة/ محمود غريب - رحمه الله -)
وأنا في الصف الثاني الثانوي دعيتُ ذات يوم لافتتاح ندوة دينية للأستاذ الشيخ/ محمود غريب، وكانت نقطة تحول في حياتي، فقد عرفت رجلا فجَّر الله ينابيع الْحِكْمَة على لِسَانه، وَجعل زِمَام الفصاحة طوع إحسانه، ولقد سمعت منه ما لم أسمعه طيلة حياتي فقد فسر (سورة الأعلى) وأتى فيها بعجائب وفرائد استَرْعت الأسماع، وأدهشت الألباب، وهزت القلوب طربا، وأبهرت العقول عجبا يَرْتَفِعُ لَها حِجَاب السَّمْع، وَيُوطَأُ لَها مِهَاد الطَّبْع، وَتَدْخُلُ الآذَان بِلا اِسْتِئْذَان، بأسلوب رائق، وإلقاء فائق فهمه العوام وحار في جماله الخواص على حد قول القاضي التنوخي:
تزفُّ إلى الأسماعِ كلّ خريدةٍ ... تكاد إذا ما أُنشدتْ تتبسَّمُ
أطافت بها الأسماعَ حتَّى تركنها ... يقال أأبيات تراها أم أنجمُ
وقال المتنبي:
إذا ما صافح الأسماع يوما ... تبسمت الضمائر والقلوب
- رحمه الله - فقد كان السبب الرئيسي - بعد فضل الله تعالى - في حبي وتعلقي بالتفسير.
قال عنه الشيخ/ حسن مأمون (شيخ الأزهر) حين سلمه كأس الخطابة عام 1966 م: "إذا خَرَّج الأزهر في كل عام خطيباً واحداً مثل محمود غريب فقد أدى الأزهر رسالته".
- وقال عنه الدكتور/ عبد الحليم محمود (شيخ الأزهر):
"إن الله رزق محمود غريب أن يفهم أكثر مما يقرأ"
قال عنه الشيخ الأديب/ حديوي حلاوة:
أستاذنا الموقر الشيخ/ محمود غريب .. خطيب ندىُّ الصوت .. بليغ الأسلوب .. عذب الحديث .. واسع الأفق .. ثاقب الفهم .. طلق اللسان .. عميق النظرة .. فخم العبارة .. دقيق التصوير .. بسيط الكلمة .. صادق الإنسانية .. دمث الخلق .. شفيق الجوهر .. سليم الفطرة ..
ينقب عن الحكمة ويتفانى في تمجيدها .. ويعشق الفضيلة ويشدو بمحاسنها .. يميل إلى دراسة الحياة وفهمها عن طريق خيال الأديب .. ورهافة الشاعر .. وتمهل الفيلسوف .. وفكر الداعية .. وحكمة المجرب .. وحنكة الواعظ .. وذكاء الخطيب .. !
يتخذ الأدب سميراً .. ويسمع الشعر منشداً .. ويشرب العلم رحيقاً .. ويلبس البيان ثوباً ..
- له أسلوب في الحوار حكيم .. ومنهج في الكلام قويم .. وحديث على السمع جميل .. يتقن النسج .. ويجهد البيان في الوصف .. والفكر في التنسيق .. والذوق في اختيار الكلمات .. لتقصيه الدقيق .. وغوصه العميق .. وتمييزه الدقيق .. فيجلى غوامض الأفئدة .. ويسبر غور الضمائر .. ويحسن الذوق في البيان .. !
* * *
(المرحلة الجامعية واللقاء مع فضيلة الأستاذ العلامة الشيخ/ إسماعيل صادق العدوي (إمام وخطيب الجامع الأزهر) - رحمه الله -)
في عام (1410 - 1989) رحلتُ إلى القاهرة فالتحقتُ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر، وكنت حريصا على أداء صلاة الجمعة في (الجامع الأزهر) لسماع التلاوة من فضيلة الشيخ/ محمد محمود الطبلاوي (حفظه الله وأمد في عمره) ولاستماع الخطبة من العلامة الجليل فضيلة الشيخ/ إسماعيل صادق العدوي (إمام وخطيب الجامع الأزهر)
فقد كان من أَخطب من صعد المنابر وارتقاها، وأفصح من هذب الْعبارَة وَأَلْقَاهَا، واستجادها وانتقاها.
ولقد تعلق قلبي وعقلي بالشيخ - رحمه الله - فزاد حرصي على حضور جميع خطبه دروسه خصوصا درس التفسير يوم الأربعاء بعد صلاة المغرب في (الجامع الأزهر) وكان درسه محفوفا بالتحف الإلهية والمنح الربانية، وهو غني - رحمه الله - عن الذكر وله فوائد وفرائد لم يسبق إليها، فَجَّرَ اللَّهُ يَنَابِيعَ الْحِكْمَةِ عَلَى لِسَانِهِ، وَتَدَفَّقَتْ سُيُول الْبَلاغَة عَلَى لِسَانِهِ بأسلوب يَتَبَارَى مَعْنَاهُ وَلَفْظه إِلَى الأَفْهَامِ، وَتَكَادُ تُدْرِكُهُ الأَفْهَامُ قَبْلَ الأَسْمَاعِ.
وأُشهد الله أنه كان من العلماء العاملين الذين لا يخشون في الله لومة لائم، ولقد سمعته في أحد الدروس يذكر أنه منذ خمسة وثلاثين عاما وهو يلقي دروسا ابتغاء مرضاة الله، ولقد شاهدت بعض الحاضرين في درسه في (الجامع الأزهر) وهو يزف إليه بشارة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن طريق رؤيا منامية، ولم يسمعها غيري لأنني كنت جالسا - وقتها - عند قدم الشيخ - رحمه الله ورضي عنه -.
* * *
وكان من أبرز شيوخي في هذه المرحلة:
1 - الدكتور/ محمد بكر إسماعيل أستاذ التفسير وعلوم القرآن،
2 - الدكتور/ محمد السعدي فرهود
3 - الدكتور/ عوض حجازي الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر
4 - الدكتور/ أحمد عمر هاشم (رئيس جامعة الأزهر الأسبق)
5 - الدكتور/ محمود السيد شيخون (نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق)
6 - الدكتور/ فؤاد علي مخيمر (الرئيس الأسبق للجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة)
7 - الدكتور/ محمد المختار المهدي (الرئيس السابق للجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة)
وغيرهم، رحمهم الله جميعًا رحمة واسعة.
* * *
(مرحلة التخرج والعمل)
حصلتُ على ليسانس الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر سنة 1414 هـ = 1993 م. بتقدير عام/ جيد جدا.
ثم اتجهت للعمل بالمساجد الأهلية في القاهرة إماما وخطيبا ومحفظا للقرآن الكريم، ولقد كانت لي - بتوفيق الله - تجربة ناجحة في تحفيظ القرآن الكريم للأطفال بأحكام التلاوة بطرق سهلة وميسورة ومن أهمها باب الوقف والابتداء، وكان ذلك في عام 1993 م ثم كررت نفس الطريقة مع الكبار من طلاب الثانوية والجامعة، فتخرجت على يديَّ أجيال متقنة لتلاوة الكتاب العزيز، والفضل والمنة لله تعالى وحده أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.
هذا فيما يختص بتحفيظ القرآن الكريم.
وأما فيما يتعلق بخطبة الجمعة فقد شرفت بإلقاء الخطبة في مساجد كثيرة منها مسجد الودود، ومسجد عمر بن عبد العزيز، ومسجد عمر بن الخطاب، وكلها في حي الهرم، بالإضافة إلى مسجد (الصيرفي) في شارع قرة بن شريك بميدان الجيزة وكان يحرص على الحضور معنا كوكبة من أهل العلم على رأسهم الأستاذ الدكتور/ محمود سروجي (عميد كلية الطب بطنطا ونائب رئيس الجامعة) والأستاذ الدكتور/ محيي الدين عبد الحليم (رئيس قسم الصحافة والإعلام بجامعة الأزهر) وعميد هندسة القاهرة الأسبق، وقد غاب عني اسمه.
وأما فيما يتعلق بالدروس فقد كانت دروسي على مدار الأسبوع دون توقف فأنا أراها جهادا في سبيل الله، وقد قسمتها بين التفسير والحديث والفقه وأصول الفقه والزهد والرقائق، والسيرة النبوية وما حوته من مواعظ وعبر، وكذلك الشأن في خطب الجمعة.
ولما بدأت في دروسي في مسجد عمر بن عبد العزيز بحي الهرم بشرح أصول الفقه - مع دقته وصعوبته - والتفسير وعلوم القرآن مع التعرض للاستشكالات التي أوردها خصوم الإسلام على القرآن الكريم، للرد عليها وبيان عوارها وهتك أستارها، لم تكن هذه الدروس مألوفة في بداية الأمر، فدروس المساجد أكثرها - للأسف - يشغل الناس بقشور العلم عن لُبِّه ومتينه.
لكن بعد فترة وجيزة - وبفضل الله ومعونته - صارت دروسي قبلة يؤمها كثيرٌ من أهل العلم وطلبة الجامعات وبعض أساتذتها (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ)
وقد لاقت ما لاقت من ثناء واسحسان من بعض أهل الفضل والعلم، والحياء يمنعني من التصريح بذكر بعض ما قيل في ذلك، ووالله ما هو إلا توفيق الله وفضله للفقير الحقير كثير السيئات ووعاء الزلات، المتعلق بعفو رب البريات، وفاطر الأرض والسماوات، والطالب للإكرام بالمثوبات، والإسعاد بدخول الجنات.
ولله در القائل:
فالمرْءُ مَفتونٌ بِتأليفهِ ... ونَفسهُ فِي مَدْحهِ غَاويهْ
وَالفضلُ مِنْ ناظره أَن يَرى ... مَا قد حَوى بالمقلةِ الراضيهْ
وَإِنْ يَجدْ عيَباً يَكن ساتراً ... عَوارهُ بالمنَّةِ الْوافيهْ
وإني لأرجو الله تعالى أن يوفق الباحثين وأهل العلم لنقل العلم النفيس في الجامعات والدراسات العليا إلى المساجد، فإن فيه خيرا كثيرا لا غنى للناس عنه.
* * *
وفي عام 2000 دعيتُ لتسجيل تسع حلقات في إحدى الفضائيات بعد أن استمع أحد الموظفين بها إلى درس لي في مسجد عمر بن عبد العزيز، وتكلمت في هذه الحلقات عن بعض اللطائف في سورة الفاتحة وقصة آدم - عليه السلام - في سورة البقرة.
* * *
(رحلتي مع الكمبيوتر)
في عام 2000 حدثني بعض الأفاضل عن اسطوانات المكتبات الإسلامية لشركة التراث للبرمجة، فاطلعت من خلالها على مكتبة التفسير وعلوم القرآن، ومكتبة السنة النبوية، ومكتبة النحو والصرف، ومكتبة الفقه وأصوله، ومكتبة التاريخ الإسلامي، والسيرة النبوية وغيرها، فعكفت على قراءة آلاف الكتب في مختلف الفنون وخصوصا في التفسير وعلوم القرآن، والفقه وأصوله، وبدأت أنقل هذا الخير للناس من خلال دروسي في المساجد، ومحاضراتي لطلبة العلم في معاهد إعداد الدعاة خصوصا في معهد إعداد الدعاة في مدينة 15 مايو، ومعهد إعداد الدعاة في مدينة البدرشين عام 2002 إلى أن سافرتُ إلى دولة الإمارات بتاريخ (17/ 9/ 2003 م)
* * *
(الحالة الاجتماعية)
متزوج ولي - بفضل الله - ثلاثة من الأولاد نورا وإبراهيم ومصطفى.
* * *
(فكرة تأليف (الحاوي)
ولما سافرتُ إلى دولة الإمارات في سنة (1414 هـ - 2003 م) للعمل بوظيفة إمام وخطيب بمسجد يوسف بورسلي بمدينة رأس الخيمة
وجدت فراغا كبيرا في الوقت، فالدروس والخطب في دول الخليج تلقى من ورقة مكتوبة ولا عمل فيها للإمام إلا القراءة والإلقاء الجيد فقط، فخشيت من فقدان العلم فحياة العلم مذاكرته، فاتجهت إلى التأليف وهذا أمر أحبه منذ الصغر ولي فيه تجربة سابقة، ففي سن الخامسة عشر من عمري وأنا في الصف الثالث الإعدادي الأزهري ألَّفْتُ كتابا عن فضل الصلاة وعقوبة تاركها، وعن التحذير من هجر القرآن، وقد بلغ بتوفيق الله (138) ورقة أثنى عليه - وقتها - أحد الأساتذة في جامعة الزقازيق.
المهم أنني اتجهت وأنا في دولة الإمارات إلى التأليف وكانت البداية بكتاب بعنوان (جامع لطائف التفسير) جمعتُ فيه ما تفرق في بطون الكتب من لطائف ورقائق وأنوار وفوائد وفرائد ونكات وأسرار، وأرسلته إلى مكتبة مشكاة الإسلامية على الإنترنت وتم نشره بفضل الله تعالى، ثم فوجئت في يوم من الأيام برسالة من مكتبة مشكاة تخبرني أن بعض الأشخاص يريد التواصل معي على الهاتف واستأذنوني في رقم الهاتف فقلت على الرحب والسعة، فاتصل بي الدكتور/ عبد القادر من ألمانيا فأخبرني بأنه طبيب سوري الجنسية يحضر الدكتوراه في ألمانيا وأخبرني أنه قرأ كتاب (جامع لطائف التفسير) وأنه لم يقرأ أجمل منه طيلة حياته، ولعله بالغ في ذلك، وقد كان منهجي في كتاب (جامع لطائف التفسير) قاصرا على اختيار بعض الآيات فقط للحديث عنها إلى أن وصلت إلى آخر الجزء الخامس من القرآن في سورة النساء عند قوله تعالى {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)}
وقد بلغ ذلك 28 مجلدا، فقال لي الدكتور/ عبد القادر يا أخي لماذا لا تفسر كل الآيات؟ لماذا تقتصر على بعضها؟ عندك ميزة وهي الاستقصاء أرجوك فسر لنا جميع الآيات، فأعدت الكتابة من جديد ولم أترك شاردة ولا واردة ضمتها كتب التفسير وعلوم القرآن ولا غيرها فيما يتعلق بالتفسير واللطائف إلا أودعتها في كتاب (الحاوي)
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وساعدني في ذلك الاطلاع على المكتبة الشاملة (الإصدار الأول) والتي وفرت عليَّ كثيرا من الجهد والوقت مع الدقة المبهرة والسرعة الفائقة في جمع المعلومات ونقلها مع إمكانية البحث عن المعلومات بكل يسر وسهولة، وإجراء أي تغيير أو تبديل على أيّ معلومة في وقت قصير جداً - جزى الله مبرمجها خير الجزاء وأوفاه -.
ومن كرامات العلم أنني وأنا أكتب في الحاوي كنت ربما أبحث عن مسألة مهمة لأضيفها فأجد ما يفوقها بعشرات المرات، وأشهد الله أن في الحاوي توفيقا ومددا كبيرا لا يعلمه إلا الله عز وجل، ويكفي في إدراك شيء من ذلك الاطلاع على أول الكتب إلى صفحة 115، ولله الفضل والمنة.
أقول: وهنا تجدر الإشارة أمر دقيق ومن الأهمية بمكان، والكلام يجر الكلام
فمن العجيب المبهر أن الله جعل حفظ علوم الإسلام على أيدي بعض أهل الكفر والإلحاد، من خلال بعض الاختراعات كـ (الكمبيوتر) - على سبيل المثال - وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول: «إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ». (رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، برقم: 3062)
إنني أرى أن التقدم العلمي علامة ودليل من دلائل نبوة النبي الأكرم والرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - وتأمل قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)}
وعن طريق التقدم العلمي - في هذا الزمان - والترجمات المختلفة والمتعددة لمعاني القرآن الكريم وتفاسيره لكل لغات العالم فقد وصلت دعوة الحبيب الشفيع - صلى الله عليه وسلم - إلى كل الدنيا ليكون حجة على الخلق.
وتأمل قوله تعالى {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44)}، {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50)}
وقد سأل علماؤنا الأوائل كيف يسمع أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ، أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ، مع أنه قد ورد أن الجنة فوق السماء السابعة، وأن النار تحت الأرض السابعة، فكان جوابهم - رحمهم الله - أن لكل دار نواميس وقوانين، وهذا حق وصدق فالميت في قبره يسمع السلام من الحي ويرد عليه، والموت - كما هو معلوم - أول منازل الآخرة.
أقول: لا داعي للتعجب من سماع بعضهم لبعض مع بعد المسافات، فالعلم الحديث قد اخترع لنا الهاتف المتحرك (الموبايل) مع بعض المسافات وربما يكون أحد المتصلَين تحت الأرض، وقد يكون ذلك بالصوت والصورة، فهذا صنع الخلق فكيف بصنع الخالق؟؟!!!
وتأمل قوله تعالى {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)} وقوله تعالى {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25)}
لقد كان علماؤنا الأوائل يتسائلون عن حجم الكتاب الذي يأخذه كل عبد يوم القيامة وكيف يستطيع حمل كتاب يحوي أعمال ستين أو سبعين سنة؟
إن العلم الحديث صنع ما يعرف بـ (الهاردسك) وصنع (الفلاشة) مع قلة وزنها وصغر حجمها ومع ذلك فهي قد تسوتعب تاريخ الدنيا كلها من آدم - عليه السلام - إلى قيام الساعة، مع ملاحظة إمكانية تكبير الخط وتغيير الخلفية، قد تحوي بعض الفيديوهات بالصوت والصورة، فإذا أخبرنا القرآن عن بعث الليالي والأيام وشهادة الأرض بما وقع عليها، وكتابة الأعمال، والموازين القسط، لا يسعنا إلا الخضوع والإذعان والاستسلام للقادر المقتدر - جل جلاله -.
لقد أعطانا القرآن في مقابل كل مشهد من مشاهد يوم القيامة - في كثير من المواضع - مشهدا يقاربه في الدنيا ليستدل على عالم الغيب بعالم الشهادة وإن كانت أدلة التوحيد التي أقامها الله في الخلق وفي النفس ذكرها في القرآن كافية ووافية.
ولو أحسن المسلمون استخدام ما وصل إليه العالم الآن من التقدم العلمي في شتى المجالات لخدمة الإسلام وعلومه لتسابق أكثر أهل الأرض للدخول في الإسلام ولكان شعارهم {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}
* * *
(القيمة العلمية للحاوي)
قلتُ في مقدمة (الحاوي)
إنه لما دعاني داعي المشيئة والإلهام لجمع مؤلَّف نَفِيس، جَلِيل، جَامِع، غَزِير الْمَادَّةِ، جَزِيل الْمَبَاحِث، جَمّ الْفَوَائِد، سَدِيد الْمَنْهَج، حَسَن الْمَنْحَى، مُطَّرِد التَّنْسِيق، قَرِيب الْمَنَالِ، دَانِي الْقُطُوف، سَهْل الشَّرِيعَةِ، سَهْل الأُسْلُوبِ، عَذْب الْمَوْرِدِ، نَاصِع الْبَيَانِ، وَاضِح التَّعْبِيرِ، مُشْرِق الدَّلالَةِ، مُتَسَنِّي التَّحْصِيل يحوي أكثر ما اشتملت عليه أرحامُ أمهات كتب التفسير وعلوم القرآن من قراءاتٍ - تفاسيرَ - إعرابٍ - علومِ الكتابِ العزيزِ - بلاغةٍ - لطائفَ وفرائدَ ... وغير ذلك.
بالإضافة إلى أنه يضم ما تفرق وتناثر من فرائد وبدائع ولطائف وروائع في أكثر فنون العلم كالبلاغة واللغة والأدب والتاريخ والزهد والرقائق جمعت أبكار الأفكار وغوامض الأسرار حقها أن تكتب بسواد العيون على صفحات الخدود، بل إن شئت فقل: حقها أن تكتب بحروف من نور على وجنات الحور استخرتُ الله تعالى في ذلك فمنحني الإجابة والتوفيق، ومع ذلك فالفقير مُقِرٌّ بقِصَر باعه، وقلة بضاعته، وعدم أهليَّته، ومعترف بأنه مُغترفٌ من بحر غيره، وليس له فيه القليل، والفضل في البداية والنهاية يرجع إلى علام الغيوب (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ).
وقد ضمنته - بفضل الله - أبحاثًا قيمة لكثير من العلماء المحققين عز نظيرها وجل خطرها ذكرتها كاملة حرصا على المنفعة، وتيسيرا على القارئ، ولم أرَ بأسا في ذكرها كاملة - وإن طالت - لذا ما رمت اختصارها لأهميتها فقد يذهب اختصارها بجليل مرادها، وباهر جمالها، كذلك لم أحل القارئ على مَراجِعها لصعوبة الحصول على بعضها، ولضعف همم البعض في مواصلة البحث، ومن يطالع كتب السادة الأعلام الأوائل يجدهم أحالوا القارئ في بعض الموضوعات على كتب قد اندثرت ولم يبق منها اليوم إلا اسمها.
على أَنه لَا يَخْلُو من فَوائِدَ فريدة ونكات عَن مواطنها شريدة ودرر مستخرجة من قاع البحور وشَذَرَات تزين بهَا قلائد النحور وعجائب تحل لَهَا الحبا وغرائب يَقُول لَهَا الْعقل السَّلِيم مرْحَبًا مرْحَبًا.
وبحمد الله وتوفيقه أصبح كتاب (الحاوي في تفسير القرآن الكريم) أكبر وأضخم موسوعة شاملة لتفاسير القرآن الكريم وعلومه.
فهو فَرِيدٌ فِي فَنِّهِ، مَبْسُوط الْعِبَارَة، مُسْهَب الشَّرْح، مُشْبَع الْفُصُول، مُسْتَوْعِب لأَطْرَافِ الْفَنِّ، جَامِع لِشَتِيت الْفَوَائِد، وَمَنْثُور الْمَسَائِل، وَمُتَشَعِّب الأَغْرَاضِ، قَدِ اسْتَوْعَبَ أُصُولَ هَذَا الْعِلْمِ، وَأَحَاطَ بِفُرُوعِهِ، وَاسْتَقْصَى غَرَائِب مَسَائِلِهِ، وَشَوَاذّهَا، وَنَوَادِرهَا، وَلَمْ يَدَعْ آبِدَة إِلا قَيَّدهَا، وَلا شَارِدَة إِلا رَدَّهَا إِلَيْهِ لَمْ يُصَنَّفْ فِي بَابِهِ أَجْمَع مِنْهُ بأسلوب رَقِيق، عَذْب، سَائِغ، سَهْل، رَشِيق.
* * *
(تلاميذي)
درَّستُ القرآن الكريم والتفسير وعلوم القرآن وأصول الفقه، والسيرة النبوية، والدفاع عن القرآن ضد خصومه لعدد كبير من طلاب العلم في مسجد الودود، ومسجد عمر بن عبد العزيز، ومسجد الزهراء، ومسجد الشهيد، ومسجد المؤمن، ومسجد الأنوار المحمدية، ومسجد الحي القيوم، وجميعها في حي الهرم بمحافظة الجيزة، فأصبح منهم المدرس والطبيب والمهندس والمحامي والأستاذ الجامعي والقارئ المجيد للتلاوة والأحكام.
وبعد أن سافرتُ إلى دولة الإمارات العربية في عام 2003 م وحتى 2014 م كانت لي مقرأة بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس أشرح فيها لبعض النبلاء أحكام التجويد مع تفسير الآيات الكريمة، وما حوته من لطائف وأسرار.
واستمر ذلك لمدة أحد عشر عاما بتوفيق من الله ونعمة منه وفضل، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
* * * |