الاستشارات » استشارات عامة

تعودت على الكبت فكيف أبكي كي أرتاح ؟

منير فرحان الصالح

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الفاضل / أبو أحمد
أسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء على ما تقدومنه ، وأسأله أن ينفع بكم وأن يتقبل عملكم خالصاً لوجهه الكريم.
أخي الفاضل
تعودت على الكتمان لدرجة كبيرة منذ نشأت ، وعرفت نفسي لا أعبّر عن مشاعري وما يحمله قلبي مثل من حولي
فمثلاً عند الضحك مع القريبات أجد الغالبية يضحك بشكل كبير وربما هستيري ، يأتي ذلك أحياناً على بني آدم ، لكني أكتفي بالتبسم والضحك -بلا صوت- والاستمتاع بفرح الجميع من حولي والاكتفاء بالتفرج دون المشاركة ، على الرغم أني مرحة نوعاً ما لكنني لا أحب الضحك بشكل كبير.
هذا أمر عندي عادي ولا أعتبره مشكلة
لكنني حتى البكاء لا أستطيعه
لو أمر بضيق كبير ، أود أن أبكي ، بل أبكي كثيراً لأرتاح ، لكن لا أستطيع حتى لو كنت وحدي !!
أكتفي بدمعات لا تُخرج كل ما في قلبي من ألم وحزن !!
بل لا أكتفي ولا تكفيني لكن هذا الواقع !!
فما الحل يا رعاكم الله ؟
جزاكم الله عني خير ما يجزى أخٍ غن أخيه

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . .
وأسأل الله العظيم أن يليّن قلوبنا لذكره . .
أخيّة . .
البكاء عمل صالح . . سيما حين يكون من خشية الله .
فإن البكّائين من خشية الله قد وعدوا بالنجاة من النار ..
قال صلى الله عليه وسلم : " عينان لا تمسّهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله "
وإن كان للبكاء أنواع ..
فإن اشرفها مقاماً . .
وأعلاها مكانة ومنزلة ..
البكاء من خشية الله . .
وهذاالذي ينبغي أن يتحسّر عليه الإنسان حين لا يجده في نفسه . .
كما أن للبكاء فوائد صحيّة ونفسيّة ..
فهو يقلل من التوتّر العصبي . .
فهويعتبر تمرينا مفيدا للحجاب الحاجز وعضلات الصدر والكتفين فبعد الانتهاء من البكاء تعود سرعة ضربات القلب إلى طبيعتها وتسترخي العضلات وتحدث حالة شعور بالراحة ، فتكون نظرة الشخص إلى المشاكل التي تؤرقه وتقلقه أكثر وضوحا، بعكس كبت البكاء والدموع و الذي يؤدي إلى الإحساس بالضغط والتوتر المؤدي إلى الإصابة ببعض الأمراض مثل الصداع والقرحة .
وقد قام العلماء بتحليل الدموع وجدوا أنها تحتوي على 25% من البروتين وجزء من المعادن خاصة المغنيسيوم وهي مواد سامة يتخلص منها الإنسان عند البكاء ..
لكن لماذا لا نبكي !!
أحياناً لا نبكي :
1 - لأننا نخجل من البكاء أو من الدموع !
2 - لأننا نظن أن البكاء ضعف على كل حال !
3 - لأننا نظن أننا بالبكاء نستدرّ مشاعر الآخرين .. فنتمتنع عن ذلك !
4 - وربما لردة فعل عكسيّة لحالة الكبت أو الظلم في البيئة المحيطة .
5 - لأننا نذنب ولا نستغفر .
6 - لأننا هجرنا قراءة القرآن بتدبّر . .
7 - لأننا نقرأ في سيرته صلى الله عليه وسلم ولا نستشعر سيرته .. ونتأمل بكاءه صلى الله عليه وسلم .
من الأمور المهمة التي تساعدنا على رقة القلب وخشوع العين :
1 - كثرة قراءة القرآن وتدبّر آياته .
سيما الآيات التي تتحدّث عن عظمة الله وقدرته واسمائه وصفاته . .
2 - الاستماع للقرّاء المؤثرين والتنويع في السماع لأكثر من قارئ .
3 - البكاء عند قراءة القرآن أو سماعه . . فإن لم يجد الانسان في نفسه بكاء فليتباكى . .
فالتباكي يعينه على البكاء .
4 - مسح رأس اليتيم ، وكفالة الايتام .. وزيارة الاماكن المؤثرة كالمصحات النفسيّة والمستشفيات ودور الرعاية . .
5 - استحضار فضل البكاء وثوابه . .
6 - استشعار ألم عدم البكاء ..
7 - كثرة الاستغفار مع الدعاء .
الأمر يا أخيّتي يحتاج إلى مصابرة ومجاهدة . .
يحتاج إلى تفاؤل وحسن ثقة بالله . .
ليس هناك نسبة محددة من البكاء يصل الهيها الانسان ويمكن عندها أن يصف الانسان نفسه أنه من البكّائين . . .
كلما كان القلب مستشعراً متأثّراً . . منطلقا بإيجابيّة في الحدث والموقف . .كلما كان ذلك هو الخشوع والخشية . .
فالخشوع والخشية . . عمل . . وليس قعوداً بالبكاء ..
اللهم طهر قلبوبنا وارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة .